صحة وحي الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد
وعدم وصول أي تحريف إليه
ناشــد حنــا
بما أننا استقينا كل الحقائق في الفصول السابقة من الإعلان الإلهي في الكتاب المقدس، فلابد من إثبات صدوره بوحي من الله، وسلامته من أي زيف أو تحريف. والواقع أن تهمة تحريف الكتاب المقدس تهمة جزافية باطلة غير مقبولة شكلاً أو موضوعاً، لأنها غير مدعمة بأسانيد الاتهام الواجبة. فتهمة التزييف يجب أن تقترن بتحديد الآيات المزيفة، وبيان الأصل قبل التزييف لمضاهاتها عليه، وبيان زمان التزييف، وكيفيته، والغرض منه، ومن الذين قاموا بالتزييف، وكيف اتفقوا عليه، وكيف لم يفطن له أحد طوال الأجيال.
من السهل أن تكيل الاتهامات لشخص دون أن تقدم الأدلة عليها. ولكن أغرب الكل أن تتهم شخصاً لا تعرفه شخصياً، وتبني اتهامك على ما سمعته من آخرين. هل تعرف الكتاب المقدس؟ هل قرأته؟ تأكد يا صديقي أنك إذا قرأت الكتاب المقدس فسوف يسقط اتهامك من تلقاء ذاته، لأن الكتاب وحدة متماسكة منسجمة، تتجاوب كل أسفاره مع بعضها تجاوباً كاملاً، مع اختلاف كاتبيه من عدة نواح، وتباعد أزمنة كتابته، ومناطق صدوره، وذلك لأن المصدر واحد وهو الله، والكاتب واحد وهو الروح القدس. "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ" (2تيموثاوس 3: 16) وأيضاً "تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ"(2بطرس 1: 21).
لقد كتب الكتاب المقدس في مدى 1600 سنة من موسى النبي إلى يوحنا الرسول وكتبه أربعون كاتباً مختلفو البيئة والثقافة والمركز الاجتماعي. وهو كتاب عجيب في تكوينه، وترتيب أسفاره، فيبدأ بسفر التكوين، نشأة الخليقة، وينتهي ذلك السفر بمشهد الموت "مَاتَ يُوسُفُ فَحَنَّطُوهُ وَوُضِعَ فِي تَابُوتٍ فِي مِصْرَ" (تكوين 50: 26) وذلك بسبب دخول "الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت". والسفر الثاني: سفر الخروح يأتي بالعلاج الإلهي للخطية، الفداء "أرى الدم (دم خروف الفصح) وأعبر عنكم ". والسفر الثالث: "اللاويين" هو سفر العبادة والتقرب إلى الله، الأمر الذي لا يمكن أن يتم إلا على أساس الفداء. وهكذا... ونجد مثلاً ترتيب مزامير 22، 23، 24: الأول مزمور الصليب، والثاني مزمور الرعاية، والثالث مزمور الملك، ترتيب إلهي عجيب. وإذا نظرنا إلى أول صفحة في الكتاب المقدس التي تحدثنا عن الخليقة: من الذي يعرف كيفية تكوينها وترتيب أيامها إلا الله الذي أوحى بالكتاب المقدس؟ لأن آدم نفسه لم يكن يعرف ما سبقه. وإذا جئنا إلى الأناجيل الأربعة نجد أن لكل إنجيل اتجاهاً خاصاً. فإنجيل متى هو إنجيل الملك ولذلك يذكر نسب الرب حسب الجسد إلى داود، وإنجيل مرقس هو إنجيل الخدمة ولذلك لا يذكر نسب الرب بالمرة، وإنجيل لوقا هو إنجيل النعمة الذي يتحدث عن المسيح كابن الإنسان "نسل المرأة" ولذلك يذكر نسب المسيح إلى آدم. أما إنجيل يوحنا فلا يذكر ولادة المسيح بالمرة لأنه يحدثنا عنه بوصفه ابن الله الأزلي الذي كان عند الله، وكان هو الله، ثم جاء بالجسد في الوقت المعين "وَصار جَسَداً" (يوحنا 1: 14).
والكتاب المقدس كله يسير في طريق مستقيم نحو هدف واحد، وهو إعلان الله ذاته، ومقاصد محبته نحو البشر من الأزل إلى الأبد. وموضوع الكتاب كله "المسيح"، "فَإِنَّ شَهَادَةَ يَسُوعَ هِيَ رُوحُ النُّبُوَّةِ" (رؤيا 19: 10). ولا يحتاج الكتاب المقدس إلى دليل على صحته خارج عنه، بل يشهد هو لذاته، فتجد في كل سفر بعض الاقتباسات من الأسفار الأخرى مع أن كتبة الأسفار لم يتلاقوا ولم يتفقوا معاً. وتجد في العهد القديم الذي في يد اليهود (أعداء المسيح إلى الآن) نبوءات عجيبة تمت بحذافيرها في العهد الجديد: مثل مكان ولادة المسيح في بيت لحم، والأسرة التي ولد منها "بيت داود"، وولادته من عذراء (إشعياء 7: 14)، وآلامه الكفارية على الصليب، وثقب يديه ورجليه (انظر الفصل السابق)، ودفنه في قبر رجل غني...الخ. قال أدولف سافير العالم اليهودي المتنصر أن العلاقة بين العهد القديم والعهد الجديد مثل العلاقة بين المسألة وحلها، أو أساس البيت وجدرانه مما يدل على أن كتبته جميعاً كانوا مسوقين بروح الله نفسه. نجد مثلاً في تكوين 14: 18 شخصاً يظهر فجأة بدون بيان سابق لأبويه أو نسبه أو بداية حياته، "ملكي صادق" ثم نجد ذكـره بعد ذلك في مـزمور 110. وترينـا رسالة العبرانيين سبب إغفال تلك البيانات وهو أنه "مشبه بابن الله" (عبرانيين 7: 3). ولنأخذ مثالاً آخر على دقة كلمات الوحي المقدس: نقرأ في إشعياء 61 أن المسيح مسحه الله ليبشر المساكين ولينادي "بسنة مقبولة للرب وبيوم انتقام لإلهنا"، بينما نقرأ في لوقا 4 أن المسيح قرأ هذا الإصحاح وقال للسامعين "اليوم قد تم هذا المكتوب". ولكنه أغفل عمداً ذكر يوم الانتقام لأن وقته لم يأت بعد.
ونجد في الكتاب المقدس نبوءات عن تاريخ ممالك العالم إلى وقت النهاية، وتاريخ شعب اليهود إلى وقت النهاية وذلك في سفر دانيال، وتاريخ الكنيسة المسيحية في سفر الرؤيا، وغير ذلك الكثير مما لا يتسع المجال لذكره. وقد تم بعض هذه النبوات بالضبط وبعضها في طريق الإتمام. ونشاهد ذلك بعيوننا في الوقت الحاضر. وقد شهد المسيح له المجد للعهد القديم مقتبساً عدة آيات منه، كما أوضح لتلاميذه الأمور المختصة بشخصه في أسفار موسى والمزامير والأنبياء.
إنه كتاب واحد متماسك عجيب، هو كتاب الله الذي يخبرك عن مقاصد الأزل قبل خلق العالم، وعما سيحدث في المستقبل إلى الأبد، إلى السماء الجديدة والأرض الجديدة. اقرأه. لا تحكم عليه قبل أن تقرأه. اقرأه فسيمسك بضميرك ويكشف لك عما في داخلك ويأسر قلبك لأنه حي وفعال، وقد غير حياة ملايين من الناس من الشر والنجاسة إلى الطهر والقداسة. بعض الأشخاص قرأوه لينتقدوه فآمنوا به، وسجدوا لله وسلموه قلوبهم. كما ذهب بعض اليهود ليمسكوا المسيح، وسمعوا أقواله، فرجعوا إلى مرسليهم يقولون "لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إنسان هَكَذَا مِثْلَ هَذَا الإنسان" (يوحنا 7: 46).
ولا يصح اتهام الكتاب المقدس بالتحريف للتخلص من صعوبة فهم حقائق الثالوث الأقدس، ولاهوت المسيح، وموته مصلوباً(1). لأن هذه الحقائق متداخلة في كل الكتاب تداخلاً تاماً، لا يمكن فصلها منه، كالخيوط التي يتكون منها نسيج الثوب. إنها سدى الكتاب ولحمته. فإذا نسبت التحريف إلى بعض الأجزاء وحذفتها من الكتاب فستجد ما حذفته في باقي أجزائه. وقد رأينا في الفصل السابق أن صفحة واحدة في أول الكتاب المقدس (تكوين 3) تحتوي على هذه الحقائق كلها
وعدم وصول أي تحريف إليه
ناشــد حنــا
بما أننا استقينا كل الحقائق في الفصول السابقة من الإعلان الإلهي في الكتاب المقدس، فلابد من إثبات صدوره بوحي من الله، وسلامته من أي زيف أو تحريف. والواقع أن تهمة تحريف الكتاب المقدس تهمة جزافية باطلة غير مقبولة شكلاً أو موضوعاً، لأنها غير مدعمة بأسانيد الاتهام الواجبة. فتهمة التزييف يجب أن تقترن بتحديد الآيات المزيفة، وبيان الأصل قبل التزييف لمضاهاتها عليه، وبيان زمان التزييف، وكيفيته، والغرض منه، ومن الذين قاموا بالتزييف، وكيف اتفقوا عليه، وكيف لم يفطن له أحد طوال الأجيال.
من السهل أن تكيل الاتهامات لشخص دون أن تقدم الأدلة عليها. ولكن أغرب الكل أن تتهم شخصاً لا تعرفه شخصياً، وتبني اتهامك على ما سمعته من آخرين. هل تعرف الكتاب المقدس؟ هل قرأته؟ تأكد يا صديقي أنك إذا قرأت الكتاب المقدس فسوف يسقط اتهامك من تلقاء ذاته، لأن الكتاب وحدة متماسكة منسجمة، تتجاوب كل أسفاره مع بعضها تجاوباً كاملاً، مع اختلاف كاتبيه من عدة نواح، وتباعد أزمنة كتابته، ومناطق صدوره، وذلك لأن المصدر واحد وهو الله، والكاتب واحد وهو الروح القدس. "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ" (2تيموثاوس 3: 16) وأيضاً "تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ"(2بطرس 1: 21).
لقد كتب الكتاب المقدس في مدى 1600 سنة من موسى النبي إلى يوحنا الرسول وكتبه أربعون كاتباً مختلفو البيئة والثقافة والمركز الاجتماعي. وهو كتاب عجيب في تكوينه، وترتيب أسفاره، فيبدأ بسفر التكوين، نشأة الخليقة، وينتهي ذلك السفر بمشهد الموت "مَاتَ يُوسُفُ فَحَنَّطُوهُ وَوُضِعَ فِي تَابُوتٍ فِي مِصْرَ" (تكوين 50: 26) وذلك بسبب دخول "الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت". والسفر الثاني: سفر الخروح يأتي بالعلاج الإلهي للخطية، الفداء "أرى الدم (دم خروف الفصح) وأعبر عنكم ". والسفر الثالث: "اللاويين" هو سفر العبادة والتقرب إلى الله، الأمر الذي لا يمكن أن يتم إلا على أساس الفداء. وهكذا... ونجد مثلاً ترتيب مزامير 22، 23، 24: الأول مزمور الصليب، والثاني مزمور الرعاية، والثالث مزمور الملك، ترتيب إلهي عجيب. وإذا نظرنا إلى أول صفحة في الكتاب المقدس التي تحدثنا عن الخليقة: من الذي يعرف كيفية تكوينها وترتيب أيامها إلا الله الذي أوحى بالكتاب المقدس؟ لأن آدم نفسه لم يكن يعرف ما سبقه. وإذا جئنا إلى الأناجيل الأربعة نجد أن لكل إنجيل اتجاهاً خاصاً. فإنجيل متى هو إنجيل الملك ولذلك يذكر نسب الرب حسب الجسد إلى داود، وإنجيل مرقس هو إنجيل الخدمة ولذلك لا يذكر نسب الرب بالمرة، وإنجيل لوقا هو إنجيل النعمة الذي يتحدث عن المسيح كابن الإنسان "نسل المرأة" ولذلك يذكر نسب المسيح إلى آدم. أما إنجيل يوحنا فلا يذكر ولادة المسيح بالمرة لأنه يحدثنا عنه بوصفه ابن الله الأزلي الذي كان عند الله، وكان هو الله، ثم جاء بالجسد في الوقت المعين "وَصار جَسَداً" (يوحنا 1: 14).
والكتاب المقدس كله يسير في طريق مستقيم نحو هدف واحد، وهو إعلان الله ذاته، ومقاصد محبته نحو البشر من الأزل إلى الأبد. وموضوع الكتاب كله "المسيح"، "فَإِنَّ شَهَادَةَ يَسُوعَ هِيَ رُوحُ النُّبُوَّةِ" (رؤيا 19: 10). ولا يحتاج الكتاب المقدس إلى دليل على صحته خارج عنه، بل يشهد هو لذاته، فتجد في كل سفر بعض الاقتباسات من الأسفار الأخرى مع أن كتبة الأسفار لم يتلاقوا ولم يتفقوا معاً. وتجد في العهد القديم الذي في يد اليهود (أعداء المسيح إلى الآن) نبوءات عجيبة تمت بحذافيرها في العهد الجديد: مثل مكان ولادة المسيح في بيت لحم، والأسرة التي ولد منها "بيت داود"، وولادته من عذراء (إشعياء 7: 14)، وآلامه الكفارية على الصليب، وثقب يديه ورجليه (انظر الفصل السابق)، ودفنه في قبر رجل غني...الخ. قال أدولف سافير العالم اليهودي المتنصر أن العلاقة بين العهد القديم والعهد الجديد مثل العلاقة بين المسألة وحلها، أو أساس البيت وجدرانه مما يدل على أن كتبته جميعاً كانوا مسوقين بروح الله نفسه. نجد مثلاً في تكوين 14: 18 شخصاً يظهر فجأة بدون بيان سابق لأبويه أو نسبه أو بداية حياته، "ملكي صادق" ثم نجد ذكـره بعد ذلك في مـزمور 110. وترينـا رسالة العبرانيين سبب إغفال تلك البيانات وهو أنه "مشبه بابن الله" (عبرانيين 7: 3). ولنأخذ مثالاً آخر على دقة كلمات الوحي المقدس: نقرأ في إشعياء 61 أن المسيح مسحه الله ليبشر المساكين ولينادي "بسنة مقبولة للرب وبيوم انتقام لإلهنا"، بينما نقرأ في لوقا 4 أن المسيح قرأ هذا الإصحاح وقال للسامعين "اليوم قد تم هذا المكتوب". ولكنه أغفل عمداً ذكر يوم الانتقام لأن وقته لم يأت بعد.
ونجد في الكتاب المقدس نبوءات عن تاريخ ممالك العالم إلى وقت النهاية، وتاريخ شعب اليهود إلى وقت النهاية وذلك في سفر دانيال، وتاريخ الكنيسة المسيحية في سفر الرؤيا، وغير ذلك الكثير مما لا يتسع المجال لذكره. وقد تم بعض هذه النبوات بالضبط وبعضها في طريق الإتمام. ونشاهد ذلك بعيوننا في الوقت الحاضر. وقد شهد المسيح له المجد للعهد القديم مقتبساً عدة آيات منه، كما أوضح لتلاميذه الأمور المختصة بشخصه في أسفار موسى والمزامير والأنبياء.
إنه كتاب واحد متماسك عجيب، هو كتاب الله الذي يخبرك عن مقاصد الأزل قبل خلق العالم، وعما سيحدث في المستقبل إلى الأبد، إلى السماء الجديدة والأرض الجديدة. اقرأه. لا تحكم عليه قبل أن تقرأه. اقرأه فسيمسك بضميرك ويكشف لك عما في داخلك ويأسر قلبك لأنه حي وفعال، وقد غير حياة ملايين من الناس من الشر والنجاسة إلى الطهر والقداسة. بعض الأشخاص قرأوه لينتقدوه فآمنوا به، وسجدوا لله وسلموه قلوبهم. كما ذهب بعض اليهود ليمسكوا المسيح، وسمعوا أقواله، فرجعوا إلى مرسليهم يقولون "لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إنسان هَكَذَا مِثْلَ هَذَا الإنسان" (يوحنا 7: 46).
ولا يصح اتهام الكتاب المقدس بالتحريف للتخلص من صعوبة فهم حقائق الثالوث الأقدس، ولاهوت المسيح، وموته مصلوباً(1). لأن هذه الحقائق متداخلة في كل الكتاب تداخلاً تاماً، لا يمكن فصلها منه، كالخيوط التي يتكون منها نسيج الثوب. إنها سدى الكتاب ولحمته. فإذا نسبت التحريف إلى بعض الأجزاء وحذفتها من الكتاب فستجد ما حذفته في باقي أجزائه. وقد رأينا في الفصل السابق أن صفحة واحدة في أول الكتاب المقدس (تكوين 3) تحتوي على هذه الحقائق كلها